ترامب … بين منهجية السياسة الأمريكية وغياب الرؤية العربية

ترامب … بين منهجية السياسة الأمريكية وغياب الرؤية العربية

لم يفاجئني اولئك المتفائلون أو المتشائمون من العرب والمسلمين بفوز وتنصيب ترامب ولم تفاجئني تلك الاصوات أو المحطات التي تراهن ليل نهار على حالات الشغب أو الاحتجاجات التي قد تحول دون ممارسة ترامب لمهامة فهذا عائد لحجم القصور في الوعي السياسي لدى المواطن العربي عموما" واليمني خصوصا" بخفايا وطبيعه الادارة الامريكية واللوبيات التي تتحكم بالقرار الامريكي.

ولعل هذا يظهر ايضاً حجم الفجوة والحاجة الملحة الى مراكز أبحاث متخصصة قادرة على توجية السياسة والراي العام العربي نحو قراءة أعمق لمتغيرات وظرورات المرحلة في المنطقة والعالم.

لذلك خلال أكثر من عقدين من الزمن كانت السياسات العربية تفتقد للموازنة القائمة على الضرورة والواقع وتفتقد للرؤية المنطلقة من المصلحة العليا والقضايا الجوهرية ، فكانت السياسات العربية تميل نحو التطرف المطلق للإدارات الامريكية المتعاقبة دون إعتبار لاي متغيرات دولية قد تؤدي الى اقطاب متعددة،فسخرت الادارات الامريكية الكثير من الأنظمة لصنع حالة من اللاستقرار في المنطقة تحولت على اثره المنطقة العربية الى سوق للإسلحة وبؤر لرعاية التطرف.

لكن السؤال الأهم اليوم الذي يراود كل مواطن عربي هو هل يجب رفع سقف الأمال ايجابا" أو الشعور بالإحباط والخوف من السياسة الامريكية القادمة؟

علينا اولا" أن ندرك أن الإدارة الأمريكية بما فيها الرئيس لاتملك سوى هامش بسيط من الصلاحيات والإجراءات التنفيذية وأن القرار يخضع لثلاثي " اللوبيات ومجموعات الضغط و الأجهزة الاستخباراتية" ، والفهم العميق للعلاقة بين الإدارة والثلاثية يشكل لدينا خلاصة مفادها أن لا فرق بين الرؤساء أو الإدارات المتعاقبة أو القادمة الا بكون ترامب يبدو اكثر وضوحا" في تنفيذ المشروع فهو الرئيس الامريكي بدون قناع.

لذلك حين يطلق ترامب " امريكا اولا  " فهذا لايعني أن من سبقه لم يقم بذلك ، بقدر ما كانت اشارة واضحه للإجهزة الاستخباراتية التي فهمت الرسالة جيدا" واستقبلته اليوم بصدر رحب.

ولعل الأمر الأخر الذي لم يغب عن ترامب المرشح والرئيس هو موضوع الحماية غير المجانية للحلفاء وكوننا نعلم جيدا" انها لم تكن مجانيه سابقا" فان الأمر يحمل اشارة للحلفاء بأن فاتورة الحماية سترتفع وهو بلاشك ذلك العقل الذي لا يفكر الا من منظور تجاري.

لكن المستغرب جدا" هي الحملة غير المسبوقة على ترامب لنيته وتاكيدة على محاربة الإسلام الراديكالي المتطرف وهو أمر لا يدعوا لكل هذا الغضب بقدر ما يحتاج فعلا" الى تكاتف الجهود لنبذ العنف والتطرف والقضاء على الارهاب، ثم كيف لبعض العرب  ان ينتقدوا هذه الرؤية وهم يرددون صبح مساء أن القاعدة والنصرة وداعش وكل الجماعات الإرهابية المتفرخة منها لا تمت للإسلام بأي صلة؟
 لذلك على الجميع أن يقف مع رؤية إجتثاث الإرهاب وتجفيف منابعه وعلينا كمسلمين أن نقدم نموذج راقي يبرز صورة الإسلام وجوهر السلام.

ختاما" إن كان هناك من امر هام تجدر الإشارة اليه فهي القضية الفلسطينية والتي من المحتمل أن يستخدمها  ترامب كورقة ضغط في تمرير مشاريع سياسية واقتصادية لاسيما في ضوء جماعات الضغط واللوبيات اليهودية التي تتحكم في اقتصاد العالم.

فهل ستكون فلسطين ضحية هذه الصفقات؟

سؤال مرهون بمدى جدية ترامب بنقل السفارة الامريكية الى القدس وموقفة من حل الدولتين.