هكذا يواجه أولياء الأمور العام الدراسي الجديد في اليمن
بعد أول زيارة إلى المدرسة، في بداية العام الدراسي الجديد، خرج محمد قائد من المدرسة غاضباً، وقرر أن يوقف تعليم أبنائه، ويبقيهم في المنزل، احتجاجا على رفع رسوم التسجيل، إلى مبالغ خيالية.
الأربعيني محمد قائد ما هو إلا واحد من أغلبية الناس الذين قطعت مرتباتهم منذ سنوات، ويكابدون عناء توفير تكاليف ومتطلبات الحياة، وإيجار المنزل بشق الأنفس، لكنهم لم يستسلموا، ويكافحوا لشراء المستلزمات المدرسية، ويجتزئون تكاليف التعليم من قوتهم وصحتهم حتى لا يضيع أطفالهم، أو يحرمونهم من التعليم، ويفرطون في مستقبلهم.
- تسرّب من المدرسة
قائد لديه 7 أبناء يدرسون في المرحلتين الأساسية والثانوية، واستمرارهم بالدراسة ليس بالأمر السهل في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي يعيشها، إلا أنه لم يفكر من قبل بأنه سيصل إلى قرار أن يترك أولاده يتسربون من التعليم، ويلتحقون بالملايين من الأطفال الذين تركوا المدارس.
يقول قائد إن : "التسجيل في هذا العام لوحده يكلف 24 ألف ريال، علاوة على تكاليف الدفاتر والأقلام وغيرها من المستلزمات المدرسية التي ارتفعت أسعارها إلى الأضعاف، مما يجعلني وأولياء الأمور نفكر بتوقيف دراسة أبنائنا".
الخمسيني قاسم الشاوش يشكو الوضع ذاته، فهو أب لستة أبناء ملتحقين بالمدارس الأساسية والثانوية، ويحتاج إلى 21 ألف ريال رسوم التسجيل فقط، ولهذا احتج على الإجراء غير القانوني من قبل إدارة المدرسة، وطلب منهم تبريرا لرفع الرسوم إلى مستوى يجعل من الصعب على المعدمين الاستمرار بتعليم أطفالهم.
يؤكد الشاوش، في حديثه"، أن إدارة المدرسة أخبرته أن الثلاثة آلاف التي أضيفت للرسوم إجبارية، وتحتسب مساهمة مجتمعية من أولياء الأمور للمدرسة للثلاثة الأشهر من النصف الدراسي الأول.
-استهداف التعليم
لم يعد التعليم في ظل الحرب مجانا، كما كان في السابق، وصارت العملية التعليمية أكبر ضحاياها، أوقفت طباعة الكتاب المدرسي، وقطعت مرتبات ما يزيد عن نصف عدد المعلمين في اليمن، وفرضت رسوما شهرية على أولياء الأمور.
ونتيجة لهذه الانتهاكات، حذّرت العديد من المنظمات المحلية والدولية من ارتفاع مستوى التسرّب من التعليم، وفي مقدمتها منظمة اليونيسف، التي أكدت أن عدد الأطفال المنقطعين عن الدراسة في اليمن، ممن هم في سن التعليم، تجاوز مليوني طفل من البنين والبنات، وما يزال العدد مستمرا في الارتفاع.
وحذّرت المنظمة من أن الطلاب المنقطعين عن الدراسة أو الذين تسربوا من المدرسة مؤخرا بسبب الفقر والنزاع المسلح - في حال عدم توفّر الدعم المناسب- قد لا يعودون إلى المدارس مطلقا، مما يجعلهم في المستقبل عالقين في دوامة الفقر.
- مخالفة قانونية
مصدر مسؤول في مكتب التربية والتعليم بأمانة العاصمة أكد أن المبلغ أربعة آلاف ريال يؤخذ فوق الرسوم الـ500 ريال، كمساهمة من الآباء عن الأربعة الأشهر الأولى، وأن المبلغ زهيد مقارنة بما يقدّمه المعلم من جهد في تعليم الطلاب، إلا أن التربوي عبدالحافظ العديني -من كوادر وزارة التربية والتعليم في صنعاء - ينفي استفادة المعلمين من الرسوم التي تجبى من أولياء الأمور تحت مسمى "المساهمة المجتمعية".
يقول العديني": "في الأعوام السابقة كانت إدارات المدارس تفرض على الطلاب ألف ريال شهريا كمعونة للمعلمين، لكنها تذهب إلى تلك الإدارات، ومدراء مكاتب التربية والتعليم في المديريات والمحافظات".
ويضيف: "حصل بعض المدرسين، وخاصة الذين يعيشون في أماكن بعيدة عن مدارسهم، على الفتات، ولم يستفيد منها الكثيرون، ولهذا يتغيّبون عن الحصص معظم أيام الأسبوع".
وتعد هذه الممارسات مخالفة للقانون اليمني رقم "45" لسنة 1992م، بشأن القانون العام للتربية والتعليم، الذي يؤكد في المادتين الثامنة والتاسعة، على أن التعليم مجاني في كل مراحله، تكفله الدولة، وعليها تحقيق العدالة الاجتماعية، وتكافؤ الفرص في التعليم، ومراعاة الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي تقف عائقاً أمام بعض الأسر للاستفادة من حق أبنائهم في التعليم.