سوء التغذية يفتك بأطفال اليمن

 سوء التغذية يفتك بأطفال اليمن

يؤدّي ارتفاع معدّلات سوء التغذية لدى الأطفال في اليمن إلى وفيات يمكن تفاديها، لاسيما بين الأطفال دون سنّ الخامسة. 

وبحسب منظّمة «أطباء بلا حدود»، فقد استقبلت مرافقها، بين كانون الثاني وتشرين الأول 2022، 7597 طفلاً يعانون سوء التغذية، وهو ما يشكّل ارتفاعاً بمعدّل 36% مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي. وعلى رغم أن سوء التغذية يهدّد الأطفال في اليمن بصورة مستمرّة، حيث يشهد البلد سنوياً ارتفاعاً في عدد الإصابات نتيجةً لموسم الجفاف الناجم عن اختلال الإنتاج الزراعي في المناطق الريفية، إلّا أن الوضع ازداد تردّياً نتيجة سنوات الحرب الطويلة، التي ساهمت في تفاقم انعدام الأمن الغذائي، وخصوصاً لدى الأشخاص الأكثر الحاجة. وبالمجمل، يمكن إيراد خمسة عوامل أساسية لتفاقم سوء التغذية بين الأطفال في اليمن، هي التالية:

1- تراجع القدرة على تحمّل تكاليف الطعام: تفتقر معظم العائلات إلى القدرة على شراء كمّيات كافية من الأطعمة أو المنتجات المغذية، حتى عندما تتوفّر، نظراً للارتفاع الحادّ في الأسعار، والذي أدّت إليه الأزمة الاقتصادية الآخذة في التفاقم. 

كذلك، لا تتوفّر فرص العمل لشرائح واسعة من السكّان، فيما خسر الكثيرون منازلهم خلال ثماني سنوات من الحرب، إمّا بسبب تدميرها أو بسبب النزوح.

2- صعوبة الوصول إلى خدمات الرعاية الصحّية الأوّلية: دفعت محدودية الموارد المالية للسلطات الصحّية، والنقص في الإمدادات والتجهيزات، وعدم تسديد رواتب الطواقم الصحّية أو عدم انتظامها، الكثير من المرافق الصحّية إلى إغلاق أبوابها، فيما تحدّ أسعار الوقود الباهظة بشكل كبير من قدرة الناس على الوصول إلى الرعاية الطبّية الطارئة.

 وغالباً ما تؤخّر هذه العوامل، المرضى ومن ضمنهم مرضى سوء التغذية، عن تلقّي الرعاية الطبّية، ما يصيبهم بمضاعفات صحّية إضافية كان يمكن تفاديها بالعلاج المبكر.

3- الفقر والظروف المعيشية غير المستقرّة: تساهم الظروف المعيشية السيّئة في ارتفاع معدّلات سوء التغذية لاسيما بين النازحين، الذين يعيش الكثير منهم في منشآت غير مناسبة ويعانون من محدودية القدرة على الحصول على الغذاء أو الدخل.

4- غياب التوعية الصحّية المجتمعية: تؤدّي محدودية توفّر رعاية ما قبل الولادة، وتعذّر إمكانية الوصول إليها، إلى حالات حمل معقّدة، ما يولّد آثاراً سلبية خلال الولادة على الأمّهات والأطفال حديثي الولادة. 

علاوة على ذلك، لا تتوفّر توعية مجتمعية تسلّط الضوء على أهمية الرضاعة الطبيعية والالتزام بجدول اللقاحات الروتيني للأطفال. كما ويفتقر الأهل إلى معلومات كافية تمكّنهم من تحديد الأعراض الأوّلية لسوء التغذية، ما يؤخّر تشخيص الحالة ومعالجتها.

5- الفجوة في الاستجابة الانسانية: أدّى خفض التمويل هذا العام إلى توقّف الخدمات في بعض مرافق الرعاية الصحّية الأوليّة، أو أسفر عن نقص في إمدادات الأدوية فيها.

بالنتيجة، لا يزال سوء التغذية ينذر بخطر كبير في اليمن، إذ يتسبّب بوفيّات يمكن تفاديها، لا سيما بين الأطفال دون سن الخامسة. ومن هنا، تبرز أهمّية تأمين استجابة شاملة تهدف إلى تعزيز نطاق رصد الحالة التغذوية وتحسين كفاءته في جميع أنحاء البلاد. أيضاً، تبرز الحاجة إلى تعزيز شبكة الرعاية الصحّية الأوّلية لضمان الوصول السريع إلى الرعاية، كما والمساعدة في رفع مستوى الوعي الصحّي المجتمعي حول خطر سوء التغذية، إذ من شأن ذلك أن يكشف عن العلامات الأوّلية لسوء التغذية في مرحلة مبكرة. كما توصي المنظّمات المعنيّة، ومن بينها «أطباء بلا حدود»، بأن تشمل الاستجابة توسيعاً لنطاق حملات التطعيم في جميع أنحاء البلاد، لاسيما في صفوف الأطفال دون سنّ الخامسة، والذين يشكّلون الفئة الأكثر حاجة.