يتأهب الشارع اليمني لاستقبال العام الجديد بمزيد من تدهور الأوضاع المعيشية، وسط توقعات بتواصل موجات الغلاء وتوسع فجوة الفقر وتفاقم البطالة وتهاوي العملة الوطنية.
ويطوي اليمنيون عاما لا يختلف عن سابقيه منذ بدء الحرب في عام 2015، وسط توسع فجوة الفقر والجوع والبطالة وتمدد الأزمة الإنسانية لتشمل معظم السكان في البلاد حيث شهد الربع الأخير انسداد أفاق الحلول السلمية التي بدأت بالظهور لأول مرة بعد أكثر من سبع سنوات مع إبرام اتفاق الهدنة في إبريل/ نيسان الماضي والذي ساهم في تراجع المواجهات العسكرية وبدء سريان حلول جزئية لبعض الأزمات الاقتصادية العالقة لتتوقف في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي 2022.
وشهد عام 2022، تدهور متواصل للخدمات العامة في معظم المناطق والمحافظات اليمنية وانهيار مصادر الدخل وسبل العيش وتنامي كارثي لمخاطر الأزمات الاقتصادية خصوصاً الدولية بسبب الحرب الروسية في أوكرانيا.
ويعد الغلاء وتراجع فرص التشغيل المعضلتين الأساسيتين اللتين تواجهان المواطنين إلى جانب عدم انتظام صرف رواتب الموظفين المدنيين الذين يتطلع جزء كبير منهم إلى أن يحمل عام 2023، أي بوادر أو مؤشرات لحلها بما يساهم في تحسين الأوضاع المعيشية المتردية وارتفاع عدد السكان الذين يعانون جراء انهيار الأمن الغذائي إلى نحو 20 مليون شخص منهم 17 مليونا بحاجة ماسة للمساعدات الإغاثية.
وعلى الرغم من محدودية فترة الهدنة "سته شهور" وعدم وجود أي مسوحات أو دراسات أو أعمال تحليلية لنتائجها وآثارها على مجمل المكونات والفئات في اليمن وعلى أداء القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، إلا أن هناك العديد من المؤشرات الإيجابية التي حملتها كتوفير أكثر من 1.4 مليون طن من المشتقات النفطية المختلفة وبما يفوق ثلاثة أضعاف الكمية التي دخلت عبر ميناء الحديدة في عام 2021، وتشغيل أكثر من 60 رحلة تجارية من مطار صنعاء الدولي إلى العاصمة الأردنية عمّان نقلت أكثر من 35 ألف مسافر.
وتم رصد ، نحو سبع جرعات سعرية في الوقود شملت معظم المناطق اليمنية في العام 2022، تراجع أسعار صفيحة البنزين الواحدة بسعة 20 لتراً الأسبوع الماضي إلى 10 آلاف ريال من 12 ألف ريال نتيجة لاتفاق الهدنة بين أطراف الصراع والذي سهل مرور سفن الوقود التي تغذي مناطق سيطرة الحوثيين.
وبينما لم يكن هناك أي تحسن في سعر صرف العملة المحلية التي استمرت بالاضطراب، ارتفعت حدة أزمة الجبايات المفروضة من قبل السلطات المتعددة في البلاد، إذ يكشف رصد "العر بي الجديد"، عن حلولها في المرتبة الثانية في قائمة الأسباب التي أدت إلى زيادة أسعار الغذاء في اليمن في العام 2022، بعد أزمة الحرب الروسية في أوكرانيا بنسبة تزيد على 50%.
يلفت مراقبون، إلى أن العام 2022، شهد أكبر ركود في الأسواق اليمنية في ظل تفاقم التحديات التي فرضتها الحرب في أوكرانيا وما فرضته من قيود على الاستيراد وعديد المتغيرات في الأسواق العالمية وتصدير القمح والحبوب والغذاء وارتفاع تكاليف التوريد بأكثر من 60%، إضافة إلى أزمات النقل التجاري المحلي والجبايات وتأثيرها الكبير على تجار اليمن.
ويرى تجار ورواد مشروعات وأصحاب أنشطة اقتصادية أن دفع رواتب الموظفين والمتقاعدين إلى جانب كونها حق إنساني أصيل لفئة واسعة من الشعب اليمني، فإنها تمثل أحد مصادر الطلب الكلي في الاقتصاد اليمني ولها دور كبير في إنعاش الحركة التجارية والاقتصادية والاستثمارية، وبالتالي زيادة مستويات التشغيل وتوظيف الأيدي العاملة.
كما أن أزمة انعدام السيولة لدى غالبية اليمنيين أهم المشاكل التي حملها عام 2022، وستلقي بتبعاتها على العام الجديد 2023، وذلك مع استمرار أزمة رواتب الموظفين المدنيين بدون حل للعام السادس على التوالي، وفقدان الكثير لمصادر عيشهم ودخولهم، إضافة إلى انكماش الاقتصاد الوطني بشكل كبير ومؤثر.
وحسب البنك الدولي في تقرير حديث، فإن انكماش الاقتصاد اليمني وصل إلى أكثر من 40% منذ عام 2015، وهو من أعلى المعدلات في العالم.
وخلص التقرير الصادر منتصف عام 2022، إلى اشتداد المصاعب التي يواجهها اليمنيون بعد نحو أكثر من سبع سنوات على الصراع الدائر في البلاد، حيث تفاقمت الأزمة الإنسانية التي تمر بها البلاد، وهي بالفعل واحدة من أسوأ الأزمات التي شهدها العالم وفقاً للأمم المتحدة، إضافة إلى نزوح أكثر من 3.6 ملايين يمني، وتدهور إمكانية حصول المدنيين على الخدمات الأساسية وسبل كسب العيش.