في ( 1 يوليو/ تموز 2016) أصدر مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان قرار “تعزيز وحماية حقوق الإنسان على شبكة الإنترنت”. وهو قرارٌ تاريخي يعتبر أن الاتصال بشبكة الانترنت حقٌ من حقوق الإنسان، ولذا فإن حجب خدمة الانترنت أو منعها أو التشويش المتعمد عليها يعتبر انتهاكاً لحقوق الإنسان في الاتصال بشبكة الانترنت والتزوّد بالمعلومات. ويأتي هذا القرار التاريخي الذي تم اعتماده أممياً ورحّبت به المنظمات الدولية المختلفة، بعد اشتداد الحاجة إليه، بسبب ازدياد الضغوط على حرية التعبير على الانترنت في جميع أنحاء العالم.
إن إقرار مجلس حقوق الإنسان لهذا القرار يفتح المجال لتأسيس إطارٍ للعمل ضمن القانون الدولي، لتأمين الاتصال بشبكة الانترنت في كل الأوقات من دون تعطيلٍ أو قطعٍ متعمد، إذ أن ذلك أصبح يعتبر مخالفةً صريحةً للقانون الدولي المعني بحقوق الإنسان. هذا يعني أنه يتوجب على الحكومات أن تتحرك لتأكيد التزاماتها الدولية نحو هذا القرار من أجل حماية حرية التعبير وحقوق الإنسان الأخرى على الانترنت، وأن تضمن إمكانية وصول أي إنسانٍ يعيش في أي منطقة في العالم للاتصال بالانترنت في أي وقت.
القرار الصادر من مجلس حقوق الإنسان يوضح أن تعذّر أي حكومة بأنها عطّلت أو شوّشت أو قلّلت سرعة الانترنت لأسباب أمنية، ليس مقبولاً، وأنه في كل الحالات يجب اعتماد الالتزامات الدولية في إطار صحيح لا يمس حق الإنسان في التعبير، ولا حقّ الإنسان في الاتصال بشبكة الانترنت.
القرار الأممي الجديد انطلق بمبادرة مشتركة بين عدة دول من بينها دولة عربية واحدة هي تونس، بالاشتراك مع البرازيل ونيجيريا والسويد، وتركيا، والولايات المتحدة الأميركية، وهو قرارٌ يؤكّد على أن قرارات سابقة نصّت على أن الحقوق الأساسية للإنسان يجب أن تكون محميةً على الانترنت.
هذه المبادرة المشتركة تحوّلت اليوم إلى اعتماد قرار أممي، لا يمكن أن تنتهكه الدول وإلا فإنها ستُحاسب، إذا لم تلتزم بحماية حق وصول المواطنين إلى الانترنت من دون تقطيع أو تشويش. كما أن التصدّي للشواغل الأمنية على شبكة الإنترنت يجب أن يكون وفقاً لالتزامات الدول بحماية حرية التعبير والخصوصية وغيرها من حقوق الإنسان على الانترنت. والقرار أوضح أن تدابير إغلاق شبكة الإنترنت أو جزء من شبكة الإنترنت في أي وقت يعتبر عملاً منافياً لحقوق الإنسان، لا سيما في أوقات الطوارئ التي يكون فيها الوصول إلى المعلومات أمراً بالغ الأهمية.
القرار الأممي دعا إلى توفير وتوسيع إمكانية الوصول إلى شبكة الإنترنت، مع اهتمام خاص بمعالجة الفجوة الرقمية بين الجنسين، وتعزيز الوصول إلى الإنترنت للأشخاص ذوي الإعاقة، واعتراف بأهمية المجتمع المدني والمشاركة المجتمعية التقنية في العمليات ذات الصلة، وصولاً إلى توفير شبكة الإنترنت العالمية والمفتوحة أمر ضروري لتحقيق جدول أعمال 2030 ضمن أهداف التنمية المستدامة.
إن هذه الخطوة التي أقدمت عليها الأمم المتحدة تعد جريئةً، وذلك لأنها أوضحت أن تعزيز التنمية وحماية حقوق الإنسان يسيران جنباً إلى جنب، وهذا يتطلب أن تبقى الشبكات المعلوماتية مفتوحة وآمنة ومستقرة للجميع ودون استثناء.
* رأي اليوم