منظمة فكر للحوار والدفاع عن الحقوق والحريات

شريط إخباري

مساحة حرة » رأي

“ ألمانيا تدق ناقوس الخطر تحسبا لتفجيرات ارهابية؟ ”

( الدكتور محمد بكر )

 

    يكثر حديث السلطات الألمانية هذه الأيام عن أن البلاد قد تكون هدفاً للمجموعات “الجهادية” المتطرفة، ولاسيما بعد اعتداءات باريس وبروكسل، ومؤخراً مطار أتاتورك في اسطنبول، المتجول اليوم في المطارات ومحطات القطارات الألمانية يتلمس بين الحين والآخر مدى الاستنفار والتحسب من قبل العناصر الأمنية تفادياً لوقوع المحظور، أيام ٌ قليلة مضت على حادثة فيرنهايم بجانب مانهايم التي أدت لعشرات الجرحى في هجوم مسلح على دار للسينما،  لتتكاثر التصريحات ومشاعر القلق، رئيس مكتب حماية الدستور ماسن كان قد أعلن أن المعلومات تشير لدخول 17 جهادياً إلى الاتحاد الأوروبي كانوا من بين المهاجرين، وأن بينهم اثنين ممن تورطوا في اعتداءات باريس، مضيفاً أن القسم الأكبر منهم إما قُتل أو سُجن، رالف بايزل الرئيس التنفيذي لرابطة المطارات أكد هو الآخر أن بلاده ستزيد من أعداد الأطقم الأمنية في جميع المطارات، سواء أكانوا بالزي العسكري أو المدني، مضيفاً أنهم سيستعينون بخبراء لدراسة ماسماها الأنماط السلوكية للمسافرين، إضافة إلى احتمال استخدام أجهزة المسح الضوئي للجسم.

وهنا نقول: نعم إن ما تتخوف منه السلطات الألمانية هو في محله تماماً، وان ما يحكى عن أعداد لمتطرفين دخلوا أوروبا قد يفوق بكثير المتوقع، ولا نتكلم هنا من باب المعلومات أو الاجتهاد الشخصي، فقائد الشرطة الأوروبية أعلن منذ أشهر أن آلاف ممن يُشك بانتمائهم، أو تنسيقهم مع المجموعات المتطرفة قد دخلوا أوروبا، ورئيس مكتب حماية الدستور نفسه أعلن قبل أشهر أنهم سيكونوا قلقين بالفعل لأنهم صادقوا على إقامات لأشخاص تربطهم علاقات أو يؤيدون الفكر المتطرف.

في اعتقادنا أن كل الاجراءات التي يتم الحديث عنها لن تشكل الدرع الكافي لحماية الأراضي الألمانية، إنما جوهر الحلول يجب أن ينبع من السلوكيات والاستراتيجيات المتبعة والمعنونة في إطار مكافحة الإرهاب، وهنا نقف لنسأل كيف يمكن تفسير الأداء غير المثمر للتحالف الستيني التي تقوده الولايات المتحدة وألمانيا جزء منه وقد مضى على عملياته أكثر من سنتين من دون وضع حد لتغلغل وتنامي الإرهاب؟، وماذا نفهم من عدم إدراك أعضاء في البوندستاغ لطبيعة الحاصل في سورية عندما صوتوا لصالح إرسال الجيش الاتحادي إلى الشمال السوري، والكثير منهم كانت إجاباته غير ” متزنة ” في توصيف ماهية العناصر المسلحة وهيكليتها، وذلك في تقرير إخباري مصور.

في اعتقادنا أن استمرار دعم السلطات الألمانية لطيف من المعارضة السورية المسلحة، للاعتقاد بأنها مجموعات ” ديمقراطية معتدلة ” هو ليس في مكانه الصحيح، وبغض النظر عن الموقف الرسمي الألماني من الدولة السورية لأنه لم تعد توجد على الأرض مثل هكذا مجموعات، وقد انصهرت بمعظمها ضمن تشكيلات “وازنة” في الميدان موضوعة أصلاً على القائمة الدولية لمكافحة الإرهاب كجبهة النصرة وداعش.

إنه من الأهمية بمكان ولكي يثمر التحسب والتحصين الألماني من تداعيات تغلغل وانتشار الإرهاب، هو تضافر الجهود الدولية لجهة التطبيق الفاعل للقرارات الدولية المتعلقة منها بضرورة تجفيف منابع الإرهاب، ولعل اتهام بعض الساسة الأمريكيين والأوروبيين لدول عربية بعينها بأنها جذور هذا الإرهاب قد كان واضحاً للجميع، لكن العبرة تكمن في التنفيذ، وعليه فإنه يتوجب على الحكومة الألمانية ليس المسارعة فقط لزيادة أطقمها الأمنية، واستخدام التقنية في الكشف عن مكامن الإرهاب، أو دارسة الأنماط السلوكية للمسافرين، فهذا كله قد يوجد ما يفرمله أو حتى يلتف عليه وتالياً فإن الأهم هو التنسيق مع الدول والحكومات التي تقاتل فعلاً الإرهاب وأصبح لديها الخبرة وتملك المعلومات المفيدة عن أشخاص ينتمون للتنظيمات الارهابية، وباتوا اليوم في الداخل الأوروبي، فمصلحة وأمن البلاد يجب أن يكون مقدماً على المواقف السياسية.

•    رأي اليوم

أترك تعليق

تبقى لديك ( ) حرف