منظمة فكر للحوار والدفاع عن الحقوق والحريات

شريط إخباري

مساحة حرة » رأي

“ في المانيا …التعاطي مع الأرقام ”

( الأستاذ الدكتور أيوب الحمادي )

في المانيا هناك اكثر من ١٨ مليون و٩٤٠ الف عمارة سكنية تزيد سنويا عنما قبل بمعدل ١٠٠ الف عمارة تقريبا . تحتوي هذه العمارات السكنية على اكثر من ٤١ مليون شقة و مساحات الشقق و العمارات و تفصيلها موثق لدرجة اني يمكن ان اذهب الى ارشيف المدينة و اطلع مخططات العمارة و لو كانت قبل ٦٠ سنة تم بنائها, و من مكتبي اقدر اعرف عدد العمارات مثلا بشقة و شقتين و اكثر من بيانات الدولة و حتى تاريخ البناء و نوع التسخين في العمارات و ايضا المباني الفاضية و بالتفصيل الممل. حتى لو بدنا نعرف هل في بلكونات او سلالم جانبية كل ذلك موثق و ايضا انواع الملكية, و حتى عندهم ارقام تتحدث عن كم عدد الطفشانين من الايجار اي ينظروا الى ذلك كثقل عليهم يكسر ظهرهم, و الذين هم ١٤ في المائة من المستاجرين من ضمنهم ٢٥ في المائة فقراء, يعرفون حتى المساحات حق السقوف و هذا ليس عبث و عدد مواقف السيارات و مساحة الشارع, الذي توجد فيه العمارة و انواع براميل الزبالة و حجمها و كمية الايجار و الضرائب و عدد خطوط التلفون و التلفزيون و حجم الانترنيت في كل عمارة اي يعرفون كل شاردة و وردة حتى بصراحة كمية المطر النازل من السماء يعرفون حجمه و يرسلوا كل شهر حساب لصاحب العمارة مع المجاري اي عليه الدفع بحجم السقف حق عمارته و ايضا حجم عمارته على الشارع يحدد كم المبلغ حق النظافة, الذي سوف تأخذ الدولة منه شهريا و ايضا عدد براميل الزبالة و حجمها و نوعها اي تصنيفها يحدد كم سوف تدفع و عدد خطوط التلفزيون ايضا يحدد كم سوف تدفع على كل شقة و هكذا الكل يعرف ماذا عليه و الدولة تعرف ماذا تريد. هنا عندما تخطط الدولة لا يمكن ان يكون هناك مكان للصدفة او الخطأ, فهم يخططون الان عدد المساكن الى ٢٠٣٠ و تطور ذلك حتى نقاش الامس لتكوين الحكومة بين حزب مركل و الاخرين كان هذا موضوع على الطاولة و السبب ارتفاع الايجارات حتى صارت تلتهم ثلث الراتب للموظف مما ينعكس بشكل مباشر على حياتهم المعيشية. فعلى سبيل مكافحة ارتفاع اسعار الايجارات سوف يتم بناء مالا يقل على ١٩٤ الف شقة الى عام ٢٠٣٠ في برلين مثلا اي خلال ال ٤ سنوات القادمة ١٠٠ الف شقة, الحكومة هنا بتخطيطها مهمتها تحريك القطاع الخاص و تسهيل عمله و ليس القيام بذلك لحالها. الالمان تخطيطهم ارقام و المشاكل ارقام و الاحلام ارقام و النقاش ارقام و برامج الاحزاب ارقام و العقوبات ارقام و المكافآت ارقام و المشاريع ارقام و النجاح و الفشل في السياسة و الادارة ارقام, لذلك لا نجد اي تقصير او خطأ. مهمة الحكومة و الدولة في المانيا التعاطي مع الارقام بشكل صحيح مما ينعكس ايجابي على تطور و تحسن المجتمع, ماعدا ذلك مسلمات طبيعية لا نقاش حولها.

أترك تعليق

تبقى لديك ( ) حرف