الناصرة-“رأي اليوم”
يُواجه المسلمون في أمريكا كثيرًا من العنف والتمييز والمضايقات وصلت إلى ارتكاب جرائم كراهية متمثلة بالقتل والسلب، وزادت بشكل ملحوظ عقب الهجمات الأخيرة التي جاء أبرزها ما حدث في أورلاندو بولاية فلوريدا، وهجمات أخرى في دول أوروبية، بالإضافة إلى تصريحات المرشح الرئاسي عن الحزب الجمهوري دونالد ترامب، المعادية للإسلام. ومظاهر العنف ضد المسلمين تشهد ارتفاعًا ملحوظًا منذ 2015 وحتى اليوم، وفق ما رصدته منظمات إسلامية في أمريكا.وكانت منظمات حقوقية دولية أدانت جو “الاضطهاد” السائد ضد المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية، ومن بينها منظمة العفو الدولية (أمنيستي) و”هيومن رايتس ووتش”، وأخرى محلية إسلامية. وعلى الرغم من أن أمريكا بلد ينظر إليه على أنه “بوتقة للثقافات المختلفة”، فإنه في الوقت ذاته “ينزف من جرح العنصرية”، باعتراف من الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وبحسب هيئات حقوقية لفتت إلى أنّ أبرز حالات التمييز العرقي في أمريكا، هي أنّ الأمريكيين السود ينظر إليهم كمشكلة داخلية.
أما المسلمون الأمريكيون فمشكلة خارجية دخيلة. وبحسب إحصاءات الـ”أف بي آي”، فقد رصدت زيادة في نسبة الجرائم ضد المسلمين في السنوات الأخيرة، حيث شكلت نسبة الجرائم ضد المسلمين حوالي 13- 14% من إجمالي جرائم الكراهية، التي يكون باعثها في الأغلب دافعًا دينيًا، ويبلغ معدل جرائم الكراهية ضد المسلمين حوالي مئات الجرائم في السنة. علاوة على ذلك، حقق عدد جرائم الكراهية ضدّ المسلمين في الولايات المتحدة رقمًا قياسيًا لم يسبقه مثيل منذ عمليات 11 أيلول 2001، هذا ما تُظهره دراسة جديدة. فقد نشرت مجلة الـ”نيويورك تايمز″ أمس أنّ باحثين من جامعة كاليفورنيا في سان بيرناردينو، وجدوا أنّ معدّل الجريمة ضدّ الأهداف الإسلامية في الولايات المتحدة الأمريكيّة قد ارتفع بنسبة 78% في عام 2015.
وأوضح الباحثون في الدراسة أيضًا أن هذا الارتفاع يُنسب إلى العمليات الإرهابية التي نُفّذت في الولايات المتحدة وفي العالم وإلى اللغة الحماسية في السباق الرئاسي. ووفقًا للدراسة التي استندت إلى تقارير الشرطة من 20 ولاية، فقد نُفذت في العام الماضي نحو 260 جريمة كراهية ضدّ المسلمين. ويشكل هذا رقمًا قياسيًا في حالات الجريمة منذ أن ارتكبت 481 جريمة كراهية في البلاد بعد عام 2001 مباشرة، وهذه هي الزيادة السنوية الأكبر منذ ذلك العام.
وظهر أيضًا من تقارير الشرطة والإعلام في الأشهر الأخيرة أنّه قد حدث ارتفاع مستمر في عدد الهجمات، في أحيان كثيرة ضدّ أشخاص يرتدون ملابس إسلامية تقليدية أو يبدون شرق أوسطيين.
وقد حدث هذا الارتفاع في الوقت الذي انخفض فيه عدد جرائم الكراهية ضدّ بقية المجموعات السكانية – بما في ذلك السود، الهسبان، اليهود والمثليين – أو ارتفع قليلا فقط. وذلك باستثناء الجرائم ضدّ المتحوّلين جنسيّا، التي ازدادت بنحو 40% تقريبا.
ويقول الباحثون إنه ليس هناك شك تقريبا أنّ هذه الأرقام لا تمثّل خطورة المشكلة بأكملها، لأنّ الكثير من المتضررين يرفضون الإبلاغ عن الهجمات التي يتعرّضون إليها ولأنه في بعض الأحيان من الصعب أن نقرر ما هو سبب الجريمة.
ويعتقد بعض الباحثين أنّ العنف ضدّ المسلمين الأمريكيين قد تصاعد ليس فقط بسبب العمليات الإرهابية التي نُفّذت في أوروبا والولايات المتحدة، وإنما أيضًا بسبب الكراهية السياسية التي يبديها المرشحون في الانتخابات الرئاسية، مثل دونالد ترامب، الذي دعا إلى حظر هجرة المسلمين إلى الولايات المتحدة.
وحاز ترامب، وهو يحمل عداء كبيرًا للإسلام والمسلمين، على شعبية قوية رغم كل تلك التصريحات التي يطلقها ضد المسلمين، وهو ما أثار التساؤل لدى المسلمين بأمريكا، كيف يقبل الجمهوريون أن يرشحوا مثل هذا الرجل لقيادة أمريكا، وما دلالات ذلك؟ ولقيت دعوات ترامب المعادية للإسلام، صدى بين مؤديه الأمر الذي انعكس على سلوكهم، من الإساءة للرسول بالشتم في ميادين عامة وساحات جامعية، ومن خلال إعادة رسومات كاريكاتير مسيئة في وسائل إعلام، وغيرها من الممارسات المعادية للإسلام.
ويخشى المسلمون من فوز ترامب بمقعد الرئيس، لينفذ سياسات ضدهم، وهم يرون في لهجة ترامب وقودا للتحامل والاعتداء عليهم. وكثف ترامب تصريحاته المعادية للمسلمين بعد حادث إطلاق النار في أورلاندو الذي قتل فيه مسلم أمريكي 49 شخصًا في ملهى ليلي للمثليين، ودعا إلى وقف الهجرة، وكرر دعوته لتشديد الرقابة على المساجد.
وفي الوقت الذي نأت فيه قيادات الديمقراطيين وعدد من قيادات الجمهوريين بنفسها عن تصريحات ترامب، يقول كثير من المسلمين الأمريكيين إن موقفه خلق جوا قد يشعر فيه البعض بأن بإمكانهم الحديث علانية عن معاداة المسلمين، أو الهجوم عليهم دونما خوف من عقاب.