منظمة فكر للحوار والدفاع عن الحقوق والحريات

شريط إخباري

مساحة حرة » رأي

“ عمان ...عقود من الحكمة والوسطية ”

( الشيخ عبدالعزيز العقاب )

لم تكن تلك الأقلام التي أشهرت حبر سيفها لتطعن في مواقف سلطنة عمان وتعلق سلبيا" على حديث معالي الوزير لعكاظ مفاجئة ..فمن يتابع تلك الأقلام يدرك أنها كانت عامل رئيسي في تأجيج الصراعات الطائفية والعرقية في المنطقة وارتبطت إرتباطا" وثيقا" بأجهزة استخبارات غربية فكانت حروفها وسيلة الولوج الى جسد هذه الأمة المتخمة بالجهل والغارقة في الصراعات.

وبعيدا" عن تلك الاقلام فاني أجد نفسي اليوم كمواطنا" عربي يتابع سير السياسة الخارجية لاقطار المنطقة أن يقدم قراءة مغايرة لما يريد أن يقدمه المرجفون في المدينة.

ولعل كل الذين قدموا نقدا" للسلطنة حول حديث عكاظ أو حول سياسات السلطنة كانت قرائتهم سطحية وعجزوا من خلال العمق والوضوح لمعالي الوزير أن ينالوا ثغرة تسمح لهم بالنيل من المواقف أو الانقضاض على المبادئ ففسر كل مجتهد حديث الوزير على هواه.

فمن الإنصاف القول أن شخصية معالي الوزير وتجربته السياسية في الخارجية للسلطنة لا تحتاج الى تقييم بمقابلة واحدة بقدر ما تحتاج الى النظر بعمق في سياسة السلطنة ممثلة بجلالة السلطان خلال العقود الاخيرة التي عصفت بالمنطقة وقدمت السلطنة فيها مواقف تتسم بالحكمة في كل منعطف أو ازمة تاريخية... الأمر الذي جعل منها وسيطا" اقليميا" للسلام في الكثير من القضايا المعقدة والازمات في المنطقة فشكلت السلطنة " بردا" وسلاما" " لنيران كادت أن تلتهم المنطقة والعالم.

فكانت عمان تعمل بصمت وبعيدا" عن الاضواء وهي ترسم استقرار المنطقة التي كادت أن تكون على شفا جرف هار وهي بكل قضية أو ازمة لاتنسلخ من كيانها الخليجي اولا" ولا تتنازل عن طابعها العروبي ثانيا" بل تترجم حكمة المصالح الخليجية والعربية على المستويات القريبة والبعيدة المدى وهو الأمر الذي يغيب عن سطور القراء والنقاد في بعض دول المنطقة.

ولعل من المناسب أن نتجاوز الكثير من ملفات المنطقة التي قدمت فيها عمان نموذجاً في وساطة السلام ونستعرض سريعا" مواقف السياسة الخارجية للسلطنة تجاه اليمن فلا تزال تصريحات معالي الوزير بن علوي في اواخر شهر ١١ عام ٢٠٠٩م حول اليمن في صحيفة الحياة اللندنية حاضرة في ذاكرتي وما اعقبها من ردات فعل من قبل الاطراف السياسية والتي اعتقد لو أنها انصتت جيدا" لما تضمنته مقابلة معالي الوزير انذاك لما وصلنا الى ما وصلنا اليه اليوم.

وبقراءة سريعة للكثير من المقابلات والاحاديث والتي عكست سياسة السلطنة في القضايا الخارجية فان مقابلة معالي الوزير مع RT على هامش قمة نواكشوط أو مقابلة عكاظ سيدرك من خلالها المتابع صوابية النهج الذي تخطه السلطنة في هذه القضايا  وهو الأمر الذي لايستطيع استيعابه من يحاول أن يصنع فرزا" خاص للمنطقة بين لونين لا ثالث لهم وبين صراعات تتجاوز العمق التاريخي.

فهل سيدرك القراء مفردات حديث عكاظ أم انهم سيركضون وراء أوهامهم التي قادت المنطقة الى هذا السيل من الدماء؟

لذلك من المنصف بعد عكاظ الإعتراف والإقرار من قبل الجميع أن السلطنة كانت ذات رؤية ثاقبة بعيدة المنظور في قضايا المنطقة وان موقفها الخارجي يشكل صناعة حقيقية لأمن الخليج والمنطقة ويقدم نموذجا" فريدا" في حل الازمات وأن أمام السلطنة مهام كبيرة في إطفاء جذوة الحرائق التي اشعلت بالمنطقة نتيجة فرز غير مبرر شكل فيه المتفيهقون  وقودا" اساسيا" وجذوة نار.

فهل سياتي اليوم الذي نتوحد فيه جميعا" لنهتف بصوت واحد حي على السلام   أم اننا سنظل ننفخ بالكير؟

لذلك ما اريد أن اختم به القول أن حديث عكاظ يحتاج الى قراءة عميقة من قبل السياسيين والمهتمين فما تضمنته حروفة كانت حصيلة رؤية لأكثر من ٣٥ عام من الحكمة.

وما بين جيدة وطيبة يدرك السياسي ابعاد مفردات هذه الحروف في حديث الوزيروما بين النفي والإثبات يحتاج القارئ الى سنين من العمر كي يدرك عمق الرؤية.

* رئيس منظمة فكر للحوار والدفاع عن الحقوق والحريات.

أترك تعليق

تبقى لديك ( ) حرف