منظمة فكر للحوار والدفاع عن الحقوق والحريات

شريط إخباري

مساحة حرة » رأي

“ انسداد إقليمي على اكثر من مسار هل البديل الحرب؟ ”

( كمال خلف )

المنطقة كلها كانت حتى وقت قريب امام مفترق طرق، وبدا ان المشهد يحمل تهدئة وتسويات تبدد مؤشرات الصدام العسكري، ومرحلة سابقة مرت في ايامها الكثير من المخاطر والتصعيد, وخلال اشهر قليلة تجدد الامل بتسويات لملفات خطرة, تقدم الحوار الإيراني السعودي بعد فترة من التصعيد الخطر، وحصلت هدنة في اليمن بعد الغارات السعودية على صعدة وصنعاء والرد اليمني في العمق السعودي, واقتربت ايران من توقيع الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة والمجموعة الدولية أربعة زائد واحد، بعد حقبة الضغوط القصوى والاحتكاك العسكري والتحريض الأمريكي وتخفيف ايران التزاماتها النووية, وانطلق مسار المفاوضات لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل بما يضمن حق لبنان في الإفادة من ثروته البحرية، بعد تجربة التصعيد الأمريكي والحصار واستعمال سياسية التجويع واشعال الشارع، وتحريك أدوات الداخل لشن حملة تردد ان كل مشاكل لبنان بسبب حزب الله, كما انطلق الامل في عودة سورية الى الجامعة العربية وعودة العلاقات بين عدد من الدول العربية وسورية، بعد عشر سنوات من القطيعة والتساوق مع السياسة الامريكية لخنق سورية وتدفيع شعبها ثمن فشل مخطط اسقاط النظام,
باختصار كان الحديث يدور عن انفراجات وتحولات ومصالحات تصب في صالح الهدوء ووقف التصعيد,
لكن في هذه الأيام بدأت الرياح تسير عكس اتجاه السفن، وكأننا في مرحلة نكوص وعودة الى التصعيد، لكن المضاعفات بعد النكوص عادة تكون اشد واخطر,
ولاح في الأفق بوادر انسداد على اكثر من مسار, فمسار المفاوضات النووية تعثر كما هو واضح، ولم تصل الجهود الى النجاح, وتعثر الوصول الى اتفاق بين ايران والولايات المتحدة، وفشل مفاوضات فيينا سيكون البديل عنه التصعيد حكما, ايران ستواصل تقدمها في برنامجها النووي، وإسرائيل والولايات المتحدة سيبحثون عن خيارات أخرى غير التفاوض, لن يكون ضمن هذه الخيارات شن عدوان عسكري شامل ضد ايران، هذا غير وارد مطلقا، ولكن تصعيد العمليات العدوانية الأمنية وحرب الاغتيالات، وضرب اهداف إيرانية في سورية قد يكون البديل,
الهدنة في اليمن تترنح، وحركة انصار الله لن تقبل تمديدها حين انتهائها بعد شهر ونيف نظرا لعدم التزام الطرف الاخر بشروطها, وهنا يبرز احتمال عودة القتال في اليمن، وهذا بدوره سيكون له تأثير مباشر على مسار الحوار الإيراني السعودي، فضلا عن احتمال تأثر هذا المسا أيضا بفشل مفاوضات فيينا,
اما ترسيم الحدود البحرية بين لبنان ودولة الاحتلال فالمعطيات غير مبشرة، ودخلنا الأسبوع الثاني من شهر أيلول سبتمبر، ومازالت إسرائيل تماطل، والوسيط غير النزيه ثقل الظل يمارس البلادة السياسية، ويدفع بمقترحات خنفشارية مثل ارسال ممثلين للسلطة الى الدوحة، وهو ما قوبل بالرفض في بيروت، وسيف الوقت الذي سلطه حزب الله على رقبة إسرائيل ينفد, وما سمعناه ان المقاومة وضعت تركيزها كله في هذا الملف، وباتت على اتم الجهوزية لتنفيذ الوعد, إسرائيل تدرك ذلك، وما هستيريا قصف المطارات الا محاولة لقطع خطوط الامداد، ليس فقط نحو لبنان بل نحو شرق سورية حيث التطبيق العملي لخطة اخراج القوات الامريكية, يحق للجميع ان يسأل اين الرد السوري والحلفاء علي قصف إسرائيل للمطارات؟، لكن يجب قبل ذلك ان يطرح سؤال عن أسباب هذا السعار الإسرائيلي وتكثيف الحملة على سورية ؟ والاجابة تكمن في السؤال التالي : ماذا تحضر سورية والحلفاء، وماهو حجم الاستعداد والسلاح والعتاد الذي يجعل إسرائيل تتحرك دون توقف ؟ والى اين يذهب؟ ولاي هدف ؟ ونستطيع ان نؤكد بدون ذرة شك، ان إسرائيل فشلت حتى الان في ضرب خطوط الامداد وتحقيق الأهداف رغم حجم الغارات,
قد تلجأ المقاومة في لبنان لتنفذ عمل عسكري موضعي في حال انقضت المهلة واستمر التسويف، وسوف تنتظر ردة الفعل الإسرائيلية، وحسب تصرف إسرائيل وردها سيتحدد سير الاحداث اما التدحرج الى حرب شاملة، او الاكتفاء بالمناوشات العسكرية دون سقف الحرب,
وبالنسبة لسورية لا تشكل لها العودة الى الجامعة العربية حاليا أولوية، وهي رفعت باعلانها عدم الحضور الثقل عن كاهل الجزائر, أولوية دمشق في مسار اخر تماما اكتر أهمية قد نتحدث عن تفصيلاته لاحقا,
بالمحصلة فان تعثر المفاوضات النووية، وتعثر مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، والتصعيد الإسرائيلي بضرب المطارات في سورية، واهتزاز الهدنة في اليمن، وتكرار الهجمات على القوات الامريكية شرق سورية, كلها وقائع ترفع من منسوب احتمال الحرب وعودة التصعيد بشكل اشد واخطر في المنطقة, أيام وليست أسابيع سوف تحسم خيارات الأطراف، وحتى نهاية أيلول الجاري، مالم يحدث انفراج، او تنجح الوساطات على هذه المسارات، فاننا امام مرحلة صعبة وخطيرة,
لا نحب الحرب ولا نؤيدها، ونتمنى عدم حصولها، وقد خبرناها وعشناها مرارا, ولكن اذا كانت السبيل الوحيد لنيل الحقوق، ووقف الصلف والعدوان الإسرائيلي على ارضنا،وسرقة ثروات بلداننا، والدفاع عن شعبنا وكرامتنا، فأهلا بها، ولا نخشاها, “”ان عشت فعش حرا,. او مت كالاشجار وقوفا “,

اعلامي وكاتب فلسطيني

أترك تعليق

تبقى لديك ( ) حرف